الحديث من 51 إلى 60

الحديث الحادي والخمسون
 
عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
‹‹إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ
(بخاري: 481)
معنى الحديث:
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً "
أي إن المؤمنين في تآزرهم، وتماسك كل فرد منهم بالآخر، وحاجتهم إلى هذا - صلى الله عليه وسلم - التماسك كالبنيان المرصوص الذي لا يقوى على البقاء إلاّ إذا تماسكت أجزاؤه لبنة لبنة،
فإذا تفككت سقط وانهار، كذلك المجتمع الإسلامي يستمد قوته من ترابط أجزائِهِ بعضهم ببعض
" و شبّك بين أصابعه "
زيادة في الإيضاح والبيان وتشبيهاً للمعقول بالمحسوس، وللمعنويات بالمحسوسات
قال ابن حجر: وهو بيان وجه الشبه، أي يشد بعضه بعضاً مثل هذا الشد، فالغرض من تشبيك أصابعه التمثيل وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس

ويستفاد من الحديث ما يأتي:
أولاً: أن قوة الأمة الإسلامية تتوقف على وحدتها وتضامنها وتعاونها، فهي كالبناء، لا يقوى على البقاء إلاّ بتماسك الأجزاء فإذا تفكَّكَتْ انهار البناء،
والآية الكريمة وهي قوله تعالى: (إنّ الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) وهذا الحديث النبوي الشريف ينصان على هذا
ثانياً: جواز تشبيك الأصابع في المسجد كما ترجم له البخاري حيث قالوا: يجوز التشبيك في المسجد، ويكره إذا كان في الصلاة، أو قاصداً لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي.
منار القاري
شرح صحيح البخاري



الحديث الثاني والخمسون
 
عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
"كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ " فَمِنْ ثمَّ اتَّخَذَهَا الأمَرَاءُ.
(بخاري: 494)
شرح الحديث:
يحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما
أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
"كان إذا خرج يوم العيد"
أي كان إذا خرج في العيدين لأداء صلاة العيد في المصلى
" أمر بالحربة فتوضع بين يديه "
أي أمر أن توضع الحربة أمامه أثناء الصلاة لتكون سترة له
والمصلى كما قال ابن ماجة: كان فضاء وليس فيه شيء يستره
" والناس وراءه "
وليست أمامهم سترة وإنما كانوا يستترون بسترته - صلى الله عليه وسلم -
" وكان يفعل ذلك في السفر "
أي وكان يضع أمامه السترة في السفر كما يضعها في الحضر
" فمن ثم اتخذهما الأمراء "
ومعناه فمن تلك الجهة اتخذ الأمراء الحربة يخرج بها بين أيديهم في العيد

ويستفاد من الحديث ما يأتي:
أولاً: مشروعية السترة بين يدي المصلي في السفر والحضر وسيأتي تفصيله في الحديث القادم.
ثانياً: أن سترة الإِمام سترة للمأمومين خلفه لقوله " فيصلّي إليها "
أي فيصلي إلى تلك الحربة جاعلاً لها سترة في الصلاة " والناس وراءه "
أي لا سترة لهم، وإنما يستترون بسترته - صلى الله عليه وسلم -
فدل ذلك على أن سترة الامام سترة لمن خلفه من المأمومين وهو قول أكثر أهل العلم
ثالثاً: أن السترة تجزىء بكل شيء ينصب أمام المصلي إذا كان بقدر الحربة، وقدرت بالذراع طولاً، أو ما يقرب من ذلك.
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث الثالث والخمسون
 
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ
"إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ"
(بخاري: 509)
شرح الحديث:
قال أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
" إذا صلّى أحدكم إلى شيء يستره "
من جدار أو أسطوانة أو نحوها
" فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه "
أي فإنه مأمور شرعاً بدفعه ومنعه
" فإن أبي فليقاتله "
أي أنه يمنعه أولاً بالإشارة، ثم يرده رداً لطيفاً فإن لم يمتنع فإنه يدفعه دفعاً شديداً. إذ ليس معناه المقاتلة الحقيقية
" فإنّما هو شيطان "
من شياطين الإنس
يستفاد منه ما يأتي:
أولاً: مشروعية أن يرد المصلي من يمر بين يديه وأنه مأمور بذلك بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم " فليدفعه " حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم بدفعه
والأمر هنا للندب عند الجمهور، حيث قالوا: يستحب له دفعه
ثانياً: مشروعية اتخاذ السترة وهي سنة عند أحمد ومستحبة عند الجمهور لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره " ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضى الله عنهما " لا تصل إلاّ إلى سترة، ولا تدع أحداً يمر بين يديه " صححه الحاكم
ثالثاً: تحريم المرور بين يدى المصلي إذا كان له سترة
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث الرابع والخمسون
 
عن أَبِي جُهَيْمٍ -رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
"لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ"
قَالَ الراوي: لا أَدْرِي أَقَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً.
(بخاري: 510)
شرح الحديث:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه "
أي لو يعلم من يجرؤ على المرور عمداً أمام المصلي ما يترتب على ذلك من العقوبة الشديدة
" لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه "
أي لفضّل أن يقف هذه المدة الطويلة التي أبهمها النبي صلى الله عليه وسلم -على المرور بين يديه، لأنّ العاقل يختار أخف الضررين
" قال الراوى: لا أدرى أقال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة "
وإنما أبهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه العقوبة في قوله: "ماذا عليه " للدلالة على أن عقوبة المرور أمام المصلّي عقوبة عظيمة لا يمكن أن يتصورها العقل البشري ولا يعلم مداها إلاّ الله سبحانه
ويستفاد منه:
أولاً: تحريم المرور أمام المصلي "إذا كان إماماً أو منفرداً ما بين قدميه وموضع سجوده، ولو لم يكن للمصلي سترة
ثانياً: أن المرور بين يدي المصلي كبيرة كما أفاده الحافظ لهذا الوعيد الذي يترتب عليه.
منار القاري
شرح صحيح البخاري

 

الحديث الخامس والخمسون
 
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم:
أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا»
قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: حَدَّثنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.
(بخاري: 527)
شرح الحديث:
يقول ابن مسعود رضي الله عنه
سألت النبي - صلى الله عليه وسلم – "أي العمل أحب إلى الله؟"
قال ابن دقيق العيد : الغرض من هذا السؤال معرفة ما ينبغي تقديمه من الأعمال على غيره. وذلك لأنه كلما كان العْمل أحبَّ إلى الله كان أكثر ثواباً، فإنّ المحبوب يحظى بما لا يحظى به غيره.
" قال: الصلاة على وقتها "
أي أحب الأعمال إلى الله تعالى المرضية لديه الصلاة في وقتها المختار، سواء صلاها في أول الوقت أو آخره
" قال ثم أي؟ "
ثم أي العمل أحبُّ إلى الله تعالى بعد الصلاة،
" قال بر الوالدين "
أي العمل الثاني بعد الصلاة الاجتهاد في الإِحسان إلى الوالدين، وطاعتهما وإرضاؤهما فيما لا يغضب الله
" قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله "
أي الجهاد لِإعلاء كلمة الله، فإنه يأتي في المرتبة الثالثة.

ويستفاد منه:
أن أفضل الأعمال بعد الإيمان أداء الصلاة في وقتها المختار
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث السادس والخمسون
 
عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ
"أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قَالُوا: لا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: "فَذَلِكَ مِثلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا"
(بخاري: 528)

شرح الحديث
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم
"أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم فيغتسل فيه كل يوم خمساً ما تقول ذلك يبقي من درنه"
أي أخبروني لو وجد أحدكم نهراً أمام منزله يغتسل فيه خمس مرات يومياً أتظنون أن ذلك الاغتسال المتكرر يبقي شيئاً من أوساخه البدنية؟
" قالوا: لا يبقي من درنه شيئاً "
لأن الاغتسال مرة واحدة في اليوم كاف لتنظيف البدن فكيف إذا كان خمس مرات
" قال: فذلك مثل الصلوات الخمس "
أي فإن الصلوات الخمس تشبه الاغتسال خمس مرات في اليوم، فإذا كان الاغتسال، بمثل ذلك العدد ينظف الجسم من الأقذار، ويحميه من الميكروبات التي تسبب له الأمراض البدنية، فإن الصلوات الخمس تكفر السيئات، وتمحوها من كتاب الحفظة، كما تحمى النفس وتقيها من الخطايا التي لم تقترفها بعد، وتطهرها أيضاً من جميع الأمراض النفسية من القلق والحقد والحسد والعداوة والأنانية وغيرها، بالإِضافة إلى تكفير الخطايا التي اقترفتها
كما قال - صلى الله عليه وسلم:
" يمحو الله بِهِ الخطايا "
أي يكفرها.

ويستفاد منه ما يأتي:
أولاً: إن الصلوات الخمس كفارات لصغائر الذنوب.
ثانياً: إنها علاج ناجح للأمراض النفسية، وقد عولج بالصلاة بعض المصابين بها، وهم كفار فشفوا وأسلموا.
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث السابع والخمسون
 
عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
"الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ"
(بخاري: 552)
شرح الحديث:
يحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذي تفوته صلاة العصر"
أي الذي تفوته صلاة العصر في وقتها ولم يُصلِّهَا إلاّ بعد خروج الوقت لغير عذر شرعي
" كأنما وتر أهلهُ وماله "
أي من أخر صلاة العصر حتى خرج وقتها لغير عذر شرعي فكأنما أصيب في أهله وماله

ويستفاد من الحديث:
أن تأخير صلاة العصر عن وقتها -لغير عذر- كبيرة من الكبائر، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم توعد من فعل ذلك بإحباط عمله، وإسقاط ثوابه عن تلك الصلاة، وأنه كمن خسر أهله وماله، وهذا الوعيد الشديد لا يترتب إلاّ على كبيرة، وحكم بقية الصلوات كحكم صلاة العصر فمن أخرها لغير عذر فقد استحق هذا الوعيد نفسه.
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث الثامن والخمسون
 
عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
"يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"
(بخاري: 555)
شرح الحديث:
أن أبا هريرة رضي الله عنه يحدثنا
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار "
أي تتناوب الملائكة على حراسة البشر فطائفة تحرسهم ليلاً وطائفة أخرى تحرسهم نهاراً
"وهؤلاء هم الحفظة"
الذين قال الله تعالى فيهم: (وإن عليكم لحافظين) فملائكة الليل تحرسنا من وقت صلاة العصر إلى آخر صلاة الفجر، وملائكة النهار من أول صلاة الفجر إلى آخر صلاة العصر
" يجتمعون في صلاة الفجر "
أي تجتمع ملائكة النهار بملائكة الليل في صلاة الفجر حيث ينزل ملائكة النهار عند أول الصلاة، ولا زال ملائكة الليل موجودين فيلتقون بهم
" وصلاة العصر "
أي ويجتمع ملائكة الليل بملائكة النهار في صلاة العصر
" ثم يعرج الذين باتوا فيكم "
أي ثم يصعد ملائكة الليل بعد صلاة الفجر
" فيسألهم "
الرب عز وجل
" وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ "
أي يسألهم كيف تركتم عبادي، وهو في غنى عن سؤالهم هذا، لأنه عليم بهم، وإنما يسألهم عن ذلك في الملأ الأعلى تنويهاً بشأن بني آدم وبياناً لفضلهم، وليباهي بهم الملائكة
" فيقولون تركناهم وهم يصلون "
صلاة الصبح
" وأتيناهم وهم يصلون "
صلاة العصر، فهم في صلاة دائمة. وكذلك يسأل عز وجل ملائكة النهار، فيجيبون بمثل ما أجاب به ملائكة الليل.
ويستفاد من الحديث:
فضل صلاة الصبح وصلاة العصر في جماعة وكونهما تشهدهما الملائكة، وتشهد لمن صلّاهما، وهذه مزية عظيمة لمن صلاهما في جماعة، حيث نوِّة به في الملأ الأعلى.
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث التاسع والخمسون
 
عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
"إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ"
(بخاري: 556)
شرح الحديث:
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم:
"إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته"
أي إذا حصّل أحدكم من صلاة العصر ركعة كاملة بسجدتيها قبل الغروب، فقد أدرك صلاة العصر في وقتها فليتم بقية صلاته على أنه صلاها أداء في وقتها
عبر بالسجدة عن الركعة، لأن الركعة إنما يكون تمامها بسجودها كما أفاده العيني، وقد جاء التصريح بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " وكذلك الحكم بالنسبة لصلاة الصبح كما قال صلى الله عليه وسلم
"وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته"
أي فقد أدرك الصبح في وقتها فليتمها.

ويستفاد منه ما يأتي:
أولاً: أنّ من أدرك ركعة كاملة بسجدتيها من العصر أو الصبح قبل خروج الوقت فقد أدرك تلك الصلاة في وقتها، ولا خلاف في ذلك
ثانياً: أنه تجوز صلاة الفرائض في جميع أوقات النهي، ولو غربت الشمس، وهو في صلاة العصر، أو طلعت وهو في الصبح أتمَّ بقية صلاته، وكانت صحيحة،
وهو مذهب الجمهور في جميع أوقات النهي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، أو ركعة من الصبح قبل الشروق أن يُتمَّ صلاته
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث قتادة
" فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها " أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الترمذي
فإن هذين الحديثين يدلان صراحةً على جواز الفريضة وصحتها في جميع أوقات النهي، ولو كانت محرمة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها في قوله: " فليصلها إذا ذكرها "، ولو كانت باطلة لما أمر باتمامها في قوله:" فليتم صلاته"
منار القاري
شرح صحيح البخاري


الحديث الستون
 
عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
«مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(بخاري: 574)
شرح الحديث:
يحدثنا أبو موسى رضي الله عنه
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"من صلى البردين"
وهما صلاتا الفجر والعصر، لأنهما تقعان في بردي النهار، أي طرفيه، وقيل لأنهما تفعلان في وقت البرد، وطيب الهواء، وانخفاض الحرارة
" دخل الجنة "
أي من واظب على أداء صلاتي الصبح والعصر في وقتهما المختار دخل الجنة ابتداءً مع السابقين الأولين.

ويستفاد من الحديث:
فضل صلاتي الفجر والعصر، وكون المواظبة عليهما سبباً في دخول الجنة، بشرط أن يكون المواظب عليهما صادق الإيمان، لأن الكافر لا عمل له
وقد جاء هذا الشرط مصرحاً به في قوله - صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمار:
"لن يدخل النار من مات لا يشرك بالله شيئاً، وكان يبادر لصلاته قبل طلوع الشمس وقبل غروبها"
منار القاري
شرح صحيح البخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق